صراع العمالقة يصل إلى نهايته

بعد سبعة أيّام من المنافسات بين نخبة حاملي المضرب في العالم على أرض مجمّع "أو2 أرينا" في لندن، وصلت "بطولة ختام الجولات العالمية لجمعية اللاعبين المحترفين، باركلايز 2009" أو ما يعرف بالـ"ماسترز" إلى نهاية مشوارها الذي سيجمع الناجيين الوحيدين من صراع العمالقة هما الروسي نيكولاي دافيدنكو المصنف سادساً والأرجنتيني خوان مارتن دل بوترو المصنّف خامساً.

مخاض عسير مرّ به اللاعبان قبل بلوغهما نهائي البطولة المرموقة التي انطلقت من طوكيو عام 1970، والمعروف أن بطولة الـ"ماسترز" تجري في نهاية كل عام جامعة أفضل ثمانية مصنّفين على مستوى العالم بعد أن يكون كل منهم خاض موسماً شاقاً لا تقل عدد دوراته عن الخمس عشرة.

وإن كان وصول اللاعبين المذكورين لا يعتبر مفاجأة قياساً على مستواهما ومسيرتهما خلال العام المنصرم، فإن بعضاً من المفاجأة تم تسجيله حين لم يكن بين الأربعة الكبار في نصف النهائي سوى بطل سابق واحد هو السويسري روجيه فيدرر المصنف أوّل، بخلاف الباقين الذي يتقدمهم دافيدنكو تاريخاً بوصوله نهائي الموسم الماضي فيما سجل دل بوترو ظهوره الثاني بعد شنغهاي 2008، مقابل الاشتراك الأوّل للسويدي روبن سودرلينغ الحاضر كبديل للمنسحب الأميركي اندي روديك.

وستكون المواجهة بين دافيدنكو، 28 عاماً، ودل بوترو، 21 عاماً، الرابعة من نوعها بين اللاعبين، وستكون الفرصة متاحة للثاني لضرب عصفورين بحجر عن طريق تزيين خزانته باللقب المرموق الصعب المنال، وتعديل مواجهاته مع الروسي إلى 2-2.

أوّل لقاءاتهما تم عام 2007 في باريس، إحدى سلسلة بطولات ماسترز، ونجح دافيدنكو على أرضه المفضلة "الصلبة" في الفوز 7-6 (7-3) و6-1 وفي الثاني رد الأرجنتيني التحيّة وبقوّة في مباراة الأرجنتين وروسيا في نصف نهائي كأس اراغ 2008 وبثلاث مجموعات نظيفة 6-1 و6-4 و6-2 على ملعب ترابي، قبل أن يسارع دافيدنكو في رد الاعتبار لنفسه عام 2008 ضمن المجموعة الذهبية لماسترز شنغهاي 2008 بفوزه بسهولة تامة 6-3 و6-2 مسجلاً تفوقه الثاني على أرض صلبة.

الطريق للنهائي

لم تكن استهلالية اللاعب الروسي مثالية في البطولة وهو الذي عانى لحسم تأهله لها رغم موسمه الطيّب, فهو لم يتأهل إلا في 12 تشرين الثاني/نوفمبر إذ خسر أمام حامل اللقب الصربي نوفاك ديوكوفيتش بصعوبة 6-3 و4-6 و5-7 قبل أن ينتفض في لقاءيه الآخرين، حين عاد للمنافسة بإخراجه الإسباني رافاييل نادال بفوزه السهل عليه 6-1 و7-6 (7-4) ثم أكد عبوره والإطاحة بحامل اللقب حين أسقط سودرلنغ المكافح 7-6 (7-4) و4-6 و6-3, ليعبر لنصف النهائي بفارق الأشواط عن الصربي كثان للمجموعة الثانية.

توقع الجميع أن يكون التاريخ مرة جديدة إلى جانب السويسري روجيه فيدرر في مواجهته نصف النهائية أمام دافيدنكو إذ أنه متقدم عليه بـ12-0 وللأمر وقع يتخطى التفوق الفني إلى النفسي, لكن ومن المرات القليلة جداً رأينا دافيدنكو يسمح لمكنوناته السارة أن ترتسم على محياه حين انفجر فرحاً بتحقيقه فوزه الأولّ على فيدرر في تاريخ لقاءاتهما التي بدأت عام 2002 وبتسجيل ظهوره الثاني على التوالي في نهائي الـ"ماسترز", وجاءت نتيجة اللقاء 6-2 و4-6 و7-5.

أما دل بوترو فما زال يسجّل أداءاً تصاعدياً في مستواه مستثمراً ميزات بدنية قلّ نظيرها، وجاء تأهله بفوزه على فيدرر أيضاً في مواجهته الثالثة ضمن المجموعة الأولى 6-2 و6-7 (5-7) و6-3، وهو كان خسر من البريطاني اندي موراي الرابع 3-6 و6-3 و2-6 وهزم الإسباني فرناندو فرداسكو السابع 6-4 و3-6 و7-6 (7-1).

دخل دل بوترو نصف النهائي بحظوظ متساوية لا بل أقل من منافسه السويدي الذي حقق أفضل النتائج في مرحلة المجموعات بين سائر المشتركين إذ فاز بخمس مجموعات وخسر 2 مقابل 5-4 للأرجنتيني، كما فاز بـ40 شوطاً مقابل خسارته 38 فقط فيما حقق دل بوترو الفوز بـ45 شوطاً مقابل 43.

لكن دل بوترو أظهر روحاً قتالية رائعة ولعباً هجومياً مميزاً من الحد الخلفي للملعب، فحوّل تأخره بمجموعة 6-7 (1-7) إلى فوز باثنتين بحسمه الثانية بصعوبة رغم النتيجة 6-3 والثالثة بعد صراع كبير قلب فيه تأخره 2-4 إثر كسر إرسال على الشوط الخامس من سودرلينغ إلى فوز مثير بشوط كسر التعادل 7-6 (7-3) بعد تقدمه السريع 4-0.

أرقام وحقائق

• سيسعى دافيدنكو كي يكون أوّل روسي يفوز بلقب ماسترز علماً أن مواطنه اللاعب السابق يفغيني كافلنيكوف خسر نهائي 1997 أمام الأميركي بيت سامبراس, فيما خسر دافيدنكو نهائي 2008 أمام ديوكوفيتش.

• سيحاول دل بوترو الشاب أن يكون ثالث لاعب أرجنتيني يفوز باللقب بعد غييرمو فيلاس 1974 ودافيد نالبنديان عام 2004.

• خاض دافيدنكو نهائي أربع بطولات هذا الموسم وفاز بها جميعها وهي هامبورغ، أوماغ، كوالالمبور وشانغهاي، رافعاً ألقابه إلى 18 في 23 مباراة نهائية خاضها في مسيرته.

• خاض دل بوترو نهائي أربع بطولات أيضاً هذا العام ففاز بثلاث منها هي أوكلاند، واشنطن والولايات المتحدة المفتوحة، رافعاً ألقابه إلى 7 في مسيرته الاحترافية من أصل 9 مباريات نهائية خاضها في مسيرته.

• خاض دافيدنكو في مبارياته الأربع في البطولة حتى الآن إحدى عشرة مجموعة ففاز بثماني وخسر ثلاث, فيما ذهب دل بوترو لأقصى الممكن بخوضه اثنتي عشرة مجموعة خسر منها أربع.

• دافيدنكو ضمن المركز السادس في التصنيف العالمي للاعبين المحترفين فيما سيصبح دل بوترو رابعاً إن فاز بالبطولة.

مميزات فنيّة

سيكون من الصعب ترجيح كفة على أخرى نظراً لتميز اللاعبين، لكن من سيحسن التحكم بضرباته الكبرى، الأمامية والخلفية، فسيكون له أفضلية في الفوز مع الأخذ في عين الاعتبار لعدة عوامل أخرى سيكون لها الدور في تحديد الاتجاه الفني:

• يملك دافيدنكو خبرة فنية أوسع بكثير من منافسه نظراً لفارق السن بينهما 28 للروسي مقابل 21 لمنافسه، وعليه يستطيع التعامل مع كافة المجريات الممكنة.

• بالرغم من صغر سنه من المستبعد أن يكون دل بوترو تحت ضغط رهبة أوّل نهائي ماسترز له فهو معروف عنه قوة شخصيته وقدرته على التحكم بأعصابه.

• يتمتع دافيدنكو بقدرات بدنية تظهر قوتها في خفته الهائلة وسرعته الحركية في التنقل مما يسمح له بتغطية كافة مساحات الملعب خصوصاً أن تحمله الهوائي عالي المردود لا بل من الأفضل بين أقرانه.

• بدوره يعتبر العملاق دل بوترو (1،98 متر) من اللاعبين الممتازين بدنياً لكن قدراته تجد مساحتها في القوّة والتحمل أكثر من السرعة التي لا تنقصه أيضاً، مما يجعله "خارقاً" في إرسالاته الساحقة وضرباته الكبرى القوية.

• نظراً لما تقدم لن يكون لفارق العمر دور إيجابي لصالح الأرجنتيني كون منافسه ما زال في أفضل مستوياته البدنية التي هي إحدى نقاط قوته الرئيسية.

• كلّما سرع إيقاع اللعب كلما ذهبت المباراة لصالح دافيدنكو أكثر من منافسه الذي إن كان إرساله في قمته وضرباته دقيقة سيأخذ المباراة لصالحه بدوره.

• لن تعطي الأرض الصلبة أفضلية لأحد اللاعبين على الآخر خصوصاً أن كليهما يبرع عليها مع الأخذ بعين الاعتبار أن أرضية "أو 2 ارينا" الصلبة هي من أسرع أنواع الملاعب المذكورة شأن ملاعب بطولة الولايات المتحدة المفتوحة أي أسرع من ملاعب بطولة أستراليا.